أعلنت شركة الوساطة الإلكترونية إيتورو (eToro) عن إتاحة ميزة CopyTrader لعملائها في الولايات المتحدة للمرة الأولى، ما يسمح للمستثمرين بنسخ محافظ المتداولين الآخرين تلقائيًا عبر الأسهم وصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) والأصول الرقمية.
الإطلاق، الذي جرى الكشف عنه خلال قمة المستثمرين السنوية للشركة، يُعد أوسع توسّع لإيتورو في السوق الأمريكية منذ حصولها على ترخيص الوساطة الوطنية في عام 2024.

توسّع تقني جديد ومنصة للمطورين

يتزامن الإعلان مع إطلاق واجهات برمجة عامة (APIs) وخطط لإنشاء متجر تطبيقات (App Store) يعتمد على أدوات برمجة خاصة بالشركة تُعرف باسم “Vibe”.
تهدف إيتورو إلى تمكين المطورين من ابتكار تطبيقات تحليل وإدارة محافظ تتكامل مباشرة مع منصتها.
يُذكر أن خاصية CopyTrader، التي أطلقت لأول مرة عام 2010، تُعد الميزة الأبرز في هوية إيتورو ونقطة الانطلاق لمفهوم التداول الاجتماعي الآلي الذي بنَت عليه الشركة براءات اختراعها الأولى.
حتى الآن، كان المستخدمون الأمريكيون مقيدين بنسخ صفقات العملات المشفّرة فقط بسبب القيود التنظيمية.

إطلاق طال انتظاره

تأسست إيتورو عام 2007، وحققت انتشارًا واسعًا في أوروبا من خلال منتجها OpenBook وأداة CopyTrader، اللذين سمحا للمستخدمين بتخصيص رؤوس أموالهم لمتابعة أداء المتداولين الناجحين لحظة بلحظة.
دخلت الشركة السوق الأمريكية تدريجيًا، بدءًا من عام 2019، حين سمحت للمستخدمين بمتابعة متداولي العملات الرقمية دون تداول الأسهم، نتيجة لاختلاف تراخيصها عبر الولايات.

وفي عام 2024، توصّلت إيتورو إلى تسوية مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) بشأن أنشطتها في العملات المشفّرة، دفعت بموجبها غرامة مالية، ووافقت على تقييد عروض الرموز لتقتصر على الأصول الكبرى مثل البيتكوين والإيثر.
وبعد إعادة الهيكلة، سجّلت الشركة نفسها كوسيط لدى هيئة FINRA وأصبحت عضوًا في مؤسسة حماية المستثمرين SIPC.
وفي مايو 2025، أتمت إيتورو طرحًا عامًا تقليديًا في بورصة ناسداك تحت الرمز ETOR، بعد أن تخلت عن خططها السابقة للاندماج عبر شركة SPAC.
الطرح منح المستثمرين أول نظرة مفصلة على إيرادات الشركة وربحيتها، وجعل من أداة CopyTrader محور نقاش بين المنظمين حول علاقتها بالقوانين المنظمة لإدارة المحافظ عندما تُطبّق على الأسهم.

لماذا هذه الخطوة مهمة

يشكّل إطلاق CopyTrader في السوق الأمريكية تميّزًا تنافسيًا لإيتورو مقارنة بوسطاء التجزئة الآخرين مثل روبنهوود (Robinhood) وويبول (Webull) وبابلك دوت كوم (Public.com)، الذين لا يقدمون إمكانية النسخ المباشر للمحافظ الاستثمارية.
تتيح الميزة للمستخدمين تكرار مراكز متداول آخر بشكل متناسب وفي الوقت الفعلي، ما يخلق طبقة اجتماعية حول الاستثمار تمزج بين ديناميكية المؤثرين وتنفيذ أوامر الوساطة.

لكن المنظمين قد ينظرون بعين الحذر إلى هذا النموذج. ففي بعض الدول، تُعامل عمليات النسخ الآلي كـ إدارة استثمارية تفويضية، ما يتطلب التزامات ائتمانية وإفصاحات دقيقة للمخاطر.
وقد صنّفت هيئات مثل هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) والهيئة الأوروبية للأوراق المالية (ESMA) التداول بالنسخ كخدمة مدارة تتطلب تقارير مفصلة.
أما في الولايات المتحدة، فلم تصدر هيئة الـSEC أو هيئة الـFINRA حتى الآن توجيهات مماثلة، لكنها ستراقب عن كثب كيفية ضبط إيتورو للتفاعل بين المتداولين الرئيسيين والمتابعين.

ويتيح نموذج الشركة للمتداولين المشهورين تحقيق عائدات مالية استنادًا إلى عدد متابعيهم، وهو ما يعزز التفاعل، لكنه قد يشجع أيضًا المضاربة المفرطة أو ملاحقة الأداء — وهي ظاهرة حذرت منها منظمة IOSCO العام الماضي.
التحدي أمام إيتورو هو الحفاظ على الشفافية دون تحويل التداول الاجتماعي إلى مضاربة جماعية.

نحو منصة مالية مفتوحة

تُشير خطة إطلاق واجهات برمجة التطبيقات إلى رغبة إيتورو في تحويل منصتها إلى منظومة تطوير مفتوحة.
وتعتزم الشركة مراجعة تطبيقات الطرف الثالث قبل إطلاقها لضمان التوازن بين الابتكار والتحكم في المخاطر.
ورغم أن نموذجها لا يتضمن رسوم إدارة مباشرة، إلا أن المستخدمين ما زالوا يتحملون فروقات الأسعار ومخاطر السيولة المعتادة في تداول التجزئة.

من خلال توسيع CopyTrader لتشمل الأسهم وصناديق المؤشرات، تحوّل إيتورو المتداولين النشطين إلى مديرين مصغّرين للمحافظ، حيث تُترجم كل صفقة منسوخة إلى أوامر فعلية داخل بنية الوساطة الخاصة بالشركة، ما يعزز النشاط والسيولة الداخلية.
هذا النموذج أثبت نجاحه في أوروبا، حيث خلقت تجربة التداول الاجتماعي تأثيرًا شبكيًا جعل رأس المال يدور ضمن المنصة ذاتها.

الاختبار الحقيقي أمام إيتورو

بعد ما يقرب من عقدين من التطوير، أطلقت إيتورو منتجها الأبرز في أكبر سوق استثماري للأفراد في العالم.
الطرح الأمريكي يُكمل انتقال الشركة من نسخ تداول العملات الرقمية فقط إلى تداول متعدد الأصول تحت رقابة تنظيمية كاملة.
ويعتمد مستقبل التجربة على قدرة الشركة على التوفيق بين الامتثال والنمو.

وإذا نجحت CopyTrader في جذب المستثمرين الأمريكيين دون عقبات تنظيمية، فقد تصبح إيتورو أول وسيط عالمي يدمج بين التداول الاجتماعي والوصول الكامل إلى الأسواق التقليدية — وهو هدف طال السعي إليه وقد يغيّر شكل إدارة المحافظ الاستثمارية للأفراد في العصر الرقمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *