أعلنت شركتا فيزا (Visa) وماستركارد (Mastercard) عن اتفاق تسوية جديد بقيمة 38 مليار دولار مع التجار في الولايات المتحدة، في خطوة تهدف لإنهاء واحدة من أطول وأكبر الدعاوى القضائية في قطاع المدفوعات، بعدما اتُّهمت الشركتان والبنوك المشاركة بفرض رسوم مبالغ فيها على عمليات الدفع بالبطاقات الائتمانية.
تسوية تنهي معركة قانونية عمرها عقدان
تأتي التسوية المقترحة بعد 20 عامًا من التقاضي، حيث اتهم التجار الشركتين بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية من خلال التواطؤ في تحديد رسوم المعاملات المعروفة باسم “رسوم التمرير” (Swipe Fees).
وكانت المحكمة الفيدرالية في بروكلين بولاية نيويورك قد رفضت تسوية سابقة بقيمة 30 مليار دولار في يونيو 2024، ووصفتها بأنها “غير كافية”، ما دفع الأطراف إلى إعادة التفاوض وتقديم نسخة محسّنة من الاتفاق.
اعتراضات من جمعيات التجار
رغم قيمة التسوية الضخمة، فقد أبدت مجموعات تجارية كبرى، مثل الاتحاد الوطني لتجار التجزئة (NRF) وائتلاف مدفوعات التجار (Merchants Payments Coalition)، اعتراضها على الاتفاق الجديد، معتبرة أنه لا يعالج جوهر المشكلة.
وقالت ستيفاني مارتز، المستشارة القانونية للـNRF:
«لا يمكنك ببساطة أن تخبر أكثر من 80% من عملائك بأنك لن تقبل بطاقاتهم، لأنك ستخسر أعمالك فورًا».
وبحسب بيانات NRF، بلغت رسوم التمرير في الولايات المتحدة 111.2 مليار دولار في عام 2024، مقارنةً بـ100.8 مليار دولار في 2023، أي أربعة أضعاف ما كانت عليه في 2009.
تفاصيل خفض الرسوم وشروط القبول
ينص الاتفاق الجديد على أن تقوم فيزا وماستركارد بتخفيض رسوم المعاملات بمقدار 0.1 نقطة مئوية على مدى خمس سنوات، بعد أن بلغ متوسط الرسوم في 2024 نحو 2.35% من قيمة المشتريات.
كما سيسمح للتجار باختيار قبول أنواع محددة من البطاقات — سواء بطاقات الشركات أو البطاقات المميزة ذات المكافآت أو البطاقات العادية — بدلًا من إلزامهم بقبول جميعها كما كان معمولًا به سابقًا.
وتتضمن التسوية أيضًا تحديد سقف لرسوم البطاقات الاستهلاكية القياسية عند 1.25% لمدة ثماني سنوات، أي بخفض يزيد عن 25% من المعدل الحالي.
وسيسمح للتجار بفرض رسوم إضافية على المدفوعات بالبطاقة تصل إلى 3% دون قيود، وفقًا للملف المقدم للمحكمة.
الشركات تعتبر الاتفاق “تقدمًا ملموسًا”
قالت فيزا، ومقرها سان فرانسيسكو، إن التسوية توفر “تخفيفًا حقيقيًا لجميع فئات التجار”، بينما أكدت ماستركارد، التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، أن الاتفاق “سيُفيد بشكل خاص الشركات الصغيرة والمتوسطة”.
وأشار خبير الاقتصاد الحائز على نوبل جوزيف ستيغليتز وزميله من جامعة واشنطن كيث ليفلر، وهما مستشاران للطرف المدّعي، إلى أن وقف “التصاعد المستمر في رسوم التمرير” يمكن أن يوفر على التجار 38 مليار دولار بحلول عام 2031، مضيفين أن الإصلاحات مجتمعة قد تحقق وفورات تصل إلى 224 مليار دولار وتفتح الباب أمام منافسة أوسع في السوق.
رفض سابق ووصف “بالتسوية الهزيلة”
كانت القاضية الفيدرالية مارغو برودي قد رفضت في يونيو 2024 التسوية السابقة، معتبرة أن التوفير السنوي البالغ 6 مليارات دولار للتجار كان “هزيلًا” مقارنةً بالأرباح المحتملة للشركتين. كما انتقدت استمرار قاعدة «قبول جميع البطاقات» (Honor All Cards) التي تُجبر التجار على قبول كل أنواع بطاقات فيزا وماستركارد أو رفضها بالكامل.
أما في التسوية الجديدة، فيقول التجار إن القاعدة تلك تم تعديلها بما يتيح مرونة أكبر، إضافة إلى معالجة ما يُعرف بـ«قواعد منع التوجيه» (Anti-Steering Rules) التي كانت تمنع التجار من توجيه العملاء نحو وسائل دفع أقل كلفة.
دعم من القطاع المصرفي
في المقابل، رحب ائتلاف المدفوعات الإلكترونية (EPC)، الذي يضم في عضويته شبكات البطاقات وبنوكًا كبرى مثل بنك أوف أمريكا وكابيتال ون وجي بي مورغان تشيس وسيتي بنك، بالاتفاق.
وقال رئيس الائتلاف التنفيذي ريتشارد هنت إن التسوية “ستخفض الرسوم إلى ما دون المستويات التي حددها مشروع قانون في مجلس الشيوخ” يسعى لتقنين الرسوم، مضيفًا:
«أخبروني متى كانت آخر مرة خفضت فيها متاجر مثل وولمارت أسعارها بأكثر من 25% وثبتتها لثماني سنوات».
لكن دوغ كانتور، المستشار القانوني لرابطة متاجر الخدمات (NACS) وعضو اللجنة التنفيذية لائتلاف التجار، خالف هذا الرأي قائلًا إن الاتفاق “لا يمنح البنوك أي حافز لخفض الرسوم”، بل يسمح لفيزا وماستركارد بزيادتها “دون قيود واضحة”.
تداعيات محتملة على قطاع المدفوعات
يقول محللون إن هذه التسوية — في حال اعتمادها رسميًا من المحكمة — قد تُعيد تشكيل قواعد سوق المدفوعات الأميركي، خاصةً أنها تمنح التجار مرونة أكبر في التعامل مع فئات البطاقات وتقلص من الأعباء المالية على العمليات الصغيرة.
لكن يبقى الخلاف قائمًا حول ما إذا كانت الإصلاحات كافية لتغيير هيمنة فيزا وماستركارد على البنية التحتية للمدفوعات، في وقت تواصل فيه رسوم التمرير الارتفاع عامًا بعد عام، ما ينعكس في النهاية على أسعار السلع والخدمات التي يتحملها المستهلك.
وتبقى أعين الأسواق على القاضية برودي، التي ستحسم قرارها النهائي بشأن اعتماد التسوية، وسط توقعات بأن يشهد قطاع المدفوعات الأميركي أكبر إعادة تنظيم منذ عقدين إذا ما تم إقرارها رسميًا خلال الأشهر المقبلة.
Michael Lebowitz is a financial markets analyst and digital finance writer specializing in cryptocurrencies, blockchain ecosystems, prediction markets, and emerging fintech platforms. He began his career as a forex and equities trader, developing a deep understanding of market dynamics, risk cycles, and capital flows across traditional financial markets.
In 2013, Michael transitioned his focus to cryptocurrencies, recognizing early the structural similarities—and critical differences—between legacy markets and blockchain-based financial systems. Since then, his work has concentrated on crypto-native market behavior, including memecoin cycles, on-chain activity, liquidity mechanics, and the role of prediction markets in pricing political, economic, and technological outcomes.
Alongside digital assets, Michael continues to follow developments in online trading and financial technology, particularly where traditional market infrastructure intersects with decentralized systems. His analysis emphasizes incentive design, trader psychology, and market structure rather than short-term price action, helping readers better understand how speculative narratives form, evolve, and unwind in fast-moving crypto markets.
